حلقة علمية فقهية لشيخ الإسلام الدكتور محمد طاهرالقادري بعنوان 'تغير الأحكام بتغير الظروف والزمان والأحوال'
حلقة علمية فقهية لشيخ الإسلام الدكتور محمد طاهر القادري مع كبار علماء الحديث والتفسير والفقه والباحثين وأساتذة الجامعات وطلابها
عقدت حلقة علمية فقهية خاصة لشيخ الإسلام الدكتور محمد طاهر القادري – حفظه الله ورعاه - بعنوان "تغير الأحكام بتغير الظروف والزمان والأحوال" تحت رعاية مجلس العلماء لمنظمة منهاج القرآن العالمية حيث شارك فيها عدد كبير من كبار علماء الحديث والتفسير والفقه والخطباء والباحثين وأساتذة الجامعات وطلابها.
وقال شيخ الإسلام: إن الإسلام دين أبدي سرمدي تدوم أحكامه حيث تبقى في الأرض إلى قيام الساعة حيث أن أحكامه مبنية على الحكمة، ووضعت مظاهر الشمولية في كافة تعاليمه وأحكامه، ووضع فيه قدرة واسعة للمرونة والتوسع واليسر على استيعاب تطورات العصور المختلفة القائمة على الحكم والحكمة، ولذا أن دين الإسلام لديه قدرة على الانسجام مع أوضاع كافة العصور بشكل طبيعي.
وأضاف شيخ الإسلام بقوله بأن الحياة الإنسانية ليست عبارة عن الجمود والتعطل بل أنها حركة وتغير، وتعتبر تغيرات العصر وتطورات الأوضاع بمثابة باعث للتطور للأمم الحية، وأما الأحكام والقوانين الإسلامية فترشد الإنسانية وفق أوضاع وتقاليد العصر الـمتغيرة، حيث وضع الله تعالى في هذه الأحكام مرونة رائعة تمتلك استعداداً وقدرة لسدّ متطلبات كلّ عصر من العصور، وأن أساسها قائم على الحكمة والمصالح ورفاهية النّاس الدنيوية والأخروية، وأما الأحكام المتعلقة بالمعاملات فإنها قائمة على مصالح عامة، وتتغير مصلحة وعلة بتغير الزمان والوضع ولذا يجب تغير الأحكام بتغير الأساس والقاعدة ويتم تقييم أحكام المعاملات بناء على الحكم والعلل المتغيرة لعدة أسباب بما فيها أن القانون الذي تم وضعه لحماية فرد أو أفراد المجتمع من الظلم والاضطهاد يتم فيه الاهتمام بوضع المجتمع الراهن والمتغير عند اتخاذ القرار، ويوجد التوسع في التغيير في القوانين والأحكام بنفس الأسلوب والمعدل الذي يوجد في التغيير في وضع الفرد والمجتمع، وبمعنى آخر أن التغيير حسب الأوضاع المتغيرة يجعل الأحكام أن تنال القبول الدولي والبقاء والدوام والمصلحة العامة وإلا يقطع الجمود علاقة القوانين الإسلامية من الحياة الإنسانية المتحركة، فلم يبق القول عن مجرد الحاجة إلى وضع القانون أو تنفيذه فحسب بل يطرح السؤال نفسه هنا عن جلب المصلحة ودفع المفسدة أيضاً، ولو لم يكن ذلك لبقيت القوانين الخالية من المرونة مقصورة في عصر خاص، ومنطقة خاصة، وطبقة خاصة.
واستدل شيخ الإسلام بآيات كريمة مختلفة قائلاً بأن دين الإسلام يصبح نعمة عندما يخلق يسراً للمجتمع البشري وفق تطورات العصر والأوضاع المتغيرة، وبمعنى آخر أن دين الإسلام نعمة ويسر للإنسانية في كل عصر من العصور، حيث يستفيد أفراد المجتمع لكل عصر من العصور من هذا الدين بصورة متساوية، وأن دين الإسلام قائم للناس كنظام الحياة الإنسانية في كل عصر من العصور، وأما الدين الذي لا يتمكن من سد متطلبات متغيرة للحياة الإنسانية فلا يتم إطلاق اسم الدين عليه.
وقال شيخ الإسلام: إن التغيير يجوز في الحكم الشرعي بتغير ضرورات وحاجات المجتمع البشري والأوضاع والعصور المتغيرة، وترشد القوانين الإسلامية الإنسانية كلها وفق أوضاع وتقاليد متغيرة في كل عصر من العصور، ولو تم تجاهل جانب المرونة في القوانين الإسلامية لأصبحت مقصورة في عصور وطبقات خاصة، ويمنح التغيير وفق الأوضاع ميزة الدوام والبقاء للقوانين الإسلامية.
وعند إرسال أحد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بصفة مفت وقاض أو قائد إلى منطقة كان النبي صلى الله عليه وسلم ينصح باليسر لا العسر، والتوسع لا الضيق، وإبلاغ الدين بأسلوب يدعو إلى أن الإسلام بُشرى، وعدم عرض الإسلام بأسلوب يجعل الناس بغاة ومتمردين ومبتعدين عن الدين، وجلبهم إلى الدين عبر الاهتمام بجانب اليسر بدلاً من النفور.
وأوضح شيخ الإسلام الموضوع مشيراً إلى عدة الأحاديث النبوية مستعرضاً عدة أمثلة من حياة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، وقدم أدلة من الكتب لكبار الفقهاء للمذاهب الأربعة والأصوليين في هذا الشأن أيضاً.
وقال شيخ الإسلام بأننا أصبحنا أصحاب وجهات النظر الضيقة حيث تعرض التوسع الذي وضعه الدين في أحكام المعاملات لضيقنا في وجهات النظر، وبدأ الجيل الشاب الابتعاد عن الدين، وهذه الحقيقة لا يمكن إنكارها بأنه لن يمكن توقف تغير الأحكام بتغير الزمان، ويجب على العلماء القيام بالهداية والتوجيه والإرشاد للأمة في ضوء الأوضاع المتغيرة والتطورات والمستجدات في العصر الراهن مضيفاً بقوله بأنه من مسؤولية العلماء الكرام إخراج أنفسهم من الفتاوى التي تم إصدارها وفق مقتضيات وأوضاع العصر الماضي وإيجاد حلول ممكنة لقضايا ومسائل وفق مقتضيات العصر الراهن، ويجب عليهم أيضاً القيام بأداء مسؤولياتهم الوطنية والإسلامية عبر التركيز الخاص على تقديم التوجيهات والإرشاد والهداية للشبان وتكوين شخصياتهم على أسس خلقية.
تعليق
الفيسبوك
تغريد