Boswtol : الإسلام لا يقبل أية تبريرات للإرهاب
2010-03-11
{مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}
، هكذا انتقد الشيخ الباكستاني المعروف محمد طاهر القادري عمليات تنظيم القاعدة الإرهابية، في مؤتمر صحفي عالمي عقده مؤخراً في العاصمة البريطانية لندن؛ لكي يبرئ الإسلام من الصورة السلبية التي يروّجها تنظيم القاعدة في الغرب.وأصدر القادري فتواه المستنكِرة للإرهاب في كتاب من 600 صفحة بلغة "الأردو"؛ لأنه قرر أن يخاطب باكستان والهند وبنجلاديش؛ بوصفها أبرز المناطق الإسلامية التي تشهد جبهات عسكرية في وقتنا الحالي، وكان من المقرر أن يُصدرها في كتاب من 300 صفحة إلا أنه قرر جعل فتوى تحريمه للإرهاب أكثر تفصيلا لتكون أشد إقناعاً.
وأعلن القادري أن الفتوى سيتم ترجمتها إلى العديد من اللغات، وأبرزها الإنجليزية، خلال الأسابيع المقبلة؛ لكي يعلم العالم أجمع أن الإسلام دين سلام، وليس دين حرب وقتال.
بدأ القادري الحديث عن فتواه في المؤتمر الصحفي بالتأكيد على أن الإسلام لا يقبل أية تبريرات أو استثناءات قد تجعل الإرهاب مشروعاً، مضيفاً أن الإرهاب مدان إسلاميا بغض النظر عن الأسباب التي تدعو إليه، وأن إدانة الإسلام للإرهاب مطلقة وقال: "أدين بشكل تام كل تصرف إرهابي تم خلال العقدين الأخيرين، وتم فيه استخدام صورة الإسلام بصورة خاطئة لا تتفق وصحيحَ تعاليم الدين الحنيف".
وشدد القادري على أن تعدد التصريفات اللغوية لكلمة إسلام تجعل منه دين سلام وسلامة ومسالمة، وليس دين عنف أو إرهاب، مضيفاً أن في الإسلام ثلاث درجاتٍ متتالية؛ أولها هو الإسلام، وثانيها الإيمان، وثالثها الإحسان، وأنه إذا وصل المسلم لمرتبة الإحسان، فإنه يُحسِن حتى لمن أساء إليه؛ لذا فإن الإسلام يرفض كل معاني القسوة والظلم، ولا يجب أن يمثل أي ألم.
ودلَّل القادري على رغبة الإسلام الشديدة في الحفاظ على السلام بمطالبة الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- بالحفاظ على كل شجرة خضراء، مضيفاً أن هذا يعني مطالبة الإسلام لمتبعيه بالحفاظ على الظل والخير والأمان للآخرين وليس استهدافهم.
ووصف القادري الانتحاريين بأنهم خارج مظلّة الإسلام، وأنهم "مضلَّلون" وبأنه يُجرى لهم عمليات "غسيل مخ" تدفعهم للاعتقاد بأن الإسلام دين عنيف يميل لنفي الآخر وقتله، بينما الإسلام أبعد ما يكون عن ذلك؛ إذ إن الإسلام ينصُّ على حماية المدنيين ودور العبادة والمستشفيات والمدارس أثناء الحرب فما بالنا بحالة السلم.
وقال القادري إن الإرهابيين في هذا العصر مثل الخوارج في عصر الإمام علي كرم الله وجهه؛ حيث قاتل الخوارجُ الإمامَ علياً لكي يحققوا النظام بالطريقة التي يرونها، وأهملوا أن الإسلام لا يترك الأمور فوضى، وأن هناك نظاماً قضائياً يجب أن يُتبع، لا أن يقوم كل شخص أو جماعة بتنفيذ ما يرونه مناسباً بعيداً عن القضاء.
ووصف القادري من يرفعون راية العنف باسم الإسلام والجهاد بأنهم "أكبر أعداء الإسلام"، مضيفاً أن الجهاد الحقيقي في الإسلام ممكن ضد الفقر والجهل والفساد، وطالب الحكومات الإسلامية بالاستمرار في محاربة تلك الجماعات التي تسيء للإسلام حتى تزيلهم، خاصة أن الشباب المسلم يكون أول ضحايا الإرهاب الذي يدفعه للانتحار والتخلص من حياته؛ لقتل الآخرين بدلاً من أن يعمرها بالعلم والإيمان.
وأشاد شهيد مالك الوزير المسلم في الحكومة البريطانية بفتوى القادري، وأكد أنها سيكون لها تأثير كبير خاصة على المسلمين في بريطانيا، وفي باكستان، وفي سائر أرجاء العالم، لما يحظى به القادري -الذي قال الوزير إنه يمثل وجه الإسلام الحقيقي- من احترام في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
والقادري رجل دين باكستاني معروف بميله إلى الوسطية، فعلى الرغم من أنه سني المذهب إلا أنه دائم الدعوى إلى وحدة الإسلام، ويرفض كافة المحاولات المتشددة للتفرقة بين المذهبين السني والشيعي، بل وأسس موقعا على شبكة الإنترنت تحت اسم "منهاج القرآن" www.minhaj.org يدعو فيه إلى الحوار والتواصل بين الديانات المختلفة.
ولا شك أن نشأة القادري في باكستان تدعو للدهشة؛ نظراً لما يشهده هذا البلد الإسلامي من توجهات متشددة، فعلى الرغم من العنف الدائر في العراق هذه الأيام بين السنة والشيعة، فإن باكستان تعدُّ الدولة الأكثر تفرقة بين المذهبين السني والشيعي؛ حتى تكاد تكون الهجمات السنية على المساجد الشيعية روتيناً يومياً هناك، كما يردُّ الشيعة في كثير من الأحيان باستهداف مظاهرات السنة ومناطق تجمّعهم.
وتقول الكثير من المواقع الأجنبية إن القادري يحظى باحترام واسع في دول شرق آسيا وجنوبها؛ نظراً لقدره العالي وفتاواه المعروفة بالوسطية، فضلاً عن إلمامه بالكثير من اللغات، مما يساعده على التواصل مع سكان دول جنوب شرق آسيا والتعامل مع الغرب والحوار معه، فضلاً عن أن العشرات من رجال الدين قد حصلوا على "إجازات" بالفتوى على يديه (بمعنى أنهم حصلوا على السماح بالإدلاء بفتاوى).
ولا تقتصر مساهمات القادري على الجوانب الدينية فقط، بل تمتد إلى السياسية أيضا، حيث قام بإنشاء حزب في بلاده يهتم بتوسيع ثقافة احترام حقوق الإنسان والعدالة، واحترام دور المرأة في المجتمع؛ ويبدو في كثير من الأحيان على أنه زعيم معارضة يسعى لانتقاد الأوضاع الراهنة، ولكنه لا يكتفي بذلك؛ بل يقترح حلولاً للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه بلاده.
وترى صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن فتوى القادري لن تُقنع المتطرفين بالتراجع عن مواقفهما، ولكنها قد تتمكن من إقناع هؤلاء الذين يتجهون لاتخاذ مواقف أكثر تشدداً بالبقاء على خط الوسطية، مضيفةً أن مثل هذه الفتوى ستكون مهمة للغاية لبريطانيا؛ لأن معظم المجتمع الإسلامي المتطرف في بريطانيا مرتبط مع مثيله في باكستان.
Source : http://www.boswtol.com/politics/reports/10/march/9/9518
Comments